هذه الهجمة المُعاصرة المُنظّمة على المذاهب السّنية الأربعة ومناهجهم -التي أجمع علماء أهل السنة قاطبة على جواز تعبد الله بها- هي من أوسع الأبواب المولجة إلى الفوضى والتحرر من أحكام الدّين، ودعوة النّاس إلى هجرها ونهي طلاب العلم عن النّظر في تراث الأمة هي وربي من أعظم البدع التي أبعدت شباب المسلمين عن التأصيل الشرعي الجاد وأوقعت جماعات في الغلو، وهذه البدعة مما يجب فيها الاحتساب وأن يتصدى لها أهل العلم، فلا يُعرف في الأمة بعد استقرار الفقه ومدارسه من تفقه على غير مذهب وأفتى من غير أصول.
ومن نظر في تاريخ المسلمين سيجد الأئمة والعلماء كافة قد انتسبوا إلى مذهب من هذه المذاهب الأربعة بلا تعصب ومن غير نكير ، ومن أنكر من المعاصرين فقد نادى على نفسه بالجهل وقلّة الاطلاع ، ودونك كتب السير والتراجم والطبقات لتبصر غير ما حدثوك وخدعوك به..
وعلى سبيل المثال لا الحصر:
– بعض من انتسب إلى المذاهب من المشتغلين بالحديث:
* الحنابلة: أبو داود، النسائي، أبو بكر الخلال، عبد الله بن أحمد، ابن الجوزي، ابن رجب، ابن عبد الهادي، ابن ناصر الدين، المقادسة وغيرهم..
* الشافعية: أبو زرعة، ابن أبي حاتم، الترمذي، ابن خزيمة، الدارقطني، الحاكم، البيهقي، الخطيب البغدادي، ابن عساكر، ابن الصلاح، النووي، العراقي، ابن جماعة، ابن حجر، السخاوي، السيوطي، المناوي وغيرهم..
* المالكية: يحيى بن يحيى الليثي، أبو المطرف ابن فطيس، ابن عبد البر، القرطبي، القاضي عياض، ابن المنير، ابن بطال، ابن العربي، الزرقاني وغيره..
* الحنفية: الطحاوي، الزيلعي، العيني، العلائي، علاء الدين ابن بلبان، المتقي الهندي، المباركفوري، العظيم آابداي، اللكنوي وغيرهم..
– ومن أهل الأصول:
* المالكية: ابن القصار، أبو عبيد الجبيري، ابن الحاجب، القرافي، الشاطبي، ابن العربي، الباجي..
* الحنابلة: ابن قدامة، ابن عبد الحق البغدادي، ابن النجار، الطوفي، ابن تيمية، ابن القيم، العلاء المرداوي، أبو الفضل ابن زهرة الحنبلي..
* الشافعية: الجويني، الغزالي، الآمدي، الرازي، الشيرازي، ابن السبكي، المحلي، شيخ الإسلام زكرياء الأنصاري، العز ابن عبد السلام..
* الحنفية: ابن الهمام، السرخسي، البزدوي، الشاشي، ابن أمير الحاج..
– ومن أهل التفسير وعلوم القرآن:
* ابن العربي والقرطبي وابن عاشور من المالكية، والبغوي وابن كثير والجلالان والبيضاوي والزركشي من الشافعية، والجصاص والنسفي والآلوسي من الحنفية، وابن الجوزي وابن القيم من الحنابلة وغيرهم كثير..
وكذلك في أهل العربية والتاريخ والسير والسلوك وغيرها من العلوم الشرعية والمعارف الإسلامية،
هؤلاء بعض من انتسب إلى المذاهب، ولو رام أحدنا الاحصاء والاستقصاء لاحتاج إلى تسويد كراريس وأسفار،
فليت شعري، أيجرؤ أن يقول قائل أن هؤلاء كانوا عواما وليسوا علماء؟
أو أن هؤلاء جميعا دعوا إلى هجران الكتاب والسنة ووضعوا حجبا بين المتفقهة والنصوص؟ وأنهم تنكبوا سبيل الصحابة تفقها وتعبدا ؟
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي