خُلاصة الحكم في مسألة الإسبال الاتفاق على تحريمه إن كان للكبر والخُيَلاء من غير خلاف، أمّا إن لم يكن كذلك فقول جمهور أهل العلم من أئمة المذاهب الأربعة دائر بين الجواز والكراهة، -وحتّى إن قيل بالإباحة فإن المُقصر لثوبه مأجور على اقتفاءه للسّنة- ،
وذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه مطلقا كابن العربي المالكي والقرافي والصنعاني وهو ظاهر قول الحافظ ابن حجر، وإليك بيان أقوال الفقهاء:
أولا: بعض الأثار عن السلف:
* أخرج أبو داود وابن أبي شيبة عن عكرمة قال :
رأيت ابن عباس إذا اتزر أرخى مقدم إزاره حتى يقع حاشيته على ظهر قدميه ، ويرفع الإزار مما وراءه ، فقلت :لم تأتزر هكذا ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزر هذه الإزرة.
* وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن مهاجر قال :
” كان قميص عمر بن عبد العزيز ما بين الكعب والشراك”.
* وأخرج أحمد في العلل عن حماد بن زيد ، قال :
” أمرَنِي أيّوب ( السٍختياني ) أن أقطعَ له قميصاً قال : اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم ، و اجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبراً.
* وأخرج ابن أبي شيبة عن مغيرة قال :
كان إبراهيم (النخعي) قميصُه على ظهر القدم.
*وأخرج عبد الرزاق عن أيوب السختياني:
كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها ، و الشهرة اليوم في تقصيرها.
ثانيا أقوال أصحاب المذاهب:
مذهب الحنفية:
1- قال ابن مفلح في الآداب الشرعية:
“قال صاحب المحيط من الحنفية وروي أن أبا حنيفة – رحمه الله – ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار وكان يجره على الأرض فقيل له أولسنا نهينا عن هذا؟ فقال إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم”
2- الفتاوى الهندية:
“إسبال الرجل إزاره أسفل من الكعبين إن لم يكن للخيلاء ففيه كراهة تنزيه”
3- الدرر المباحة:
“لا يجوز إسبال الثوب تحت الكعبين، إنْ كان للخيَلاء، والتكبر، وإلاّ جاز، إلا أنّ الأفضل أن يكون فوق الكعبين”
مذهب المالكية:
1- حاشية العدوي:
“والحاصل أن النصوص متعارضة فيما إذا نزل عن الكعبين بدون قصد الكبر فمفاد (الحَطَّاب) أنه لا حرمة بل يكره كما صرح به ومفاد (الذخيرة) الحرمة”
2- التمهيد
“وهذا الحديث يدل على أن من جر إزاره من غير خيلاء ولا بطر أنه لا يلحقه الوعيد المذكور ، غير أن جر الإزار والقميص وسائر الثياب مذموم على كل حال “
مذهب الشافعية:
1- المجموع للنووي:
“يحرم إطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ويكره لغير الخيلاء نص عليه الشافعي في البويطي وصرح به الأصحاب”
2- شرح مسلم للنووي:
“لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء ، فإن كان لغيرها فهو مكروه ، وظواهر الأحاديث فى تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء ، وهكذا نص الشافعى على الفرق”
مذهب الحنابلة:
1- كشاف القناع:
“قال أحمد في رواية حنبل :” جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس”
2- المُغني:
“ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل ؛ فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حَرُم “
3- شرح العمدة لشيخ الإسلام:
“وهذه نصوص صريحة في تحريم الإسبال على وجه المخيلة ، والمطلق منها محمول على المقيد ، وإنما أطلق ذلك ؛ لأن الغالب أن ذلك إنما يكون مخيلة …. ولأن الأحاديث أكثرها مقيدة بالخيلاء فيحمل المطلق عليه ، وما سوى ذلك فهو باقٍ على الإباحة ، وأحاديث النهي مبنية على الغالب والمظنة”
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي