اتكاء الخطيب على العصا أو نحوه في الخطب

قال الإمام مالك:

[مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر ، أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون عليها في قيامهم ، وهو الذي رَأَيْنا وسَمِعْنا.]

(المدونة)

وفي قول الإمام مالك هذا دليل على جريان العمل على ذلك، وأنه من أمر الناس القديم من عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الذي توارثوه وتواطؤوا عليه.

وقال الإمام مالك في موضع آخر:

[في خطبة الإمام يوم الجمعة: يمسك بيده عصا قال مالك: وهو من أمر الناس القديم. قلت له: أعمود المنبر أم عصا سواه؟ قال: لا بل عصا سواه.]

وقال الإمام الشافعي:

[وقال الشافعي -رحمه الله تعالى-: وبلغنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب اعتمد على عصا، وقد قيل خطب معتمدًا على عنزة وعلى قوس وكل ذلك اعتماد]

وقال:

[أحب لكل من خطب – أيَّ خطبة كانت – أن يعتمد على شيء.]

(الأم)

وهو قول الحنابلة، واستدلوا بحديث الحكم بن حزن قال:

[وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم فشهدنا معه الجمعة، فقام متوكِّئًا على سيف أو قوس أو عصا مختصرًا].

(رواه أبو داود)

قال الحافظ ابن حجر في (التلخيص الحبير): [ إسناده حسن]

وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود وأحمد بلفظ [أن النبي ﷺ أعطي يوم العيد قوسا فخطب عليه.]

فجماهير العلماء لم يقولوا بمشروعية اتكاء الخطيب فقط بل قالوا باستحبابها وسنيّتها، وذلك كلُّه لمعاونة الخطيب على القيام وشدّ أزره وذلك أثبت له وأرفق وأجمع لقلبه ولُبّه.

والاتكاء على العِصِيّ من السنن المهجورة في كثير من المساجد في يومنا وذكر بعض الجهال أن من علامة سُنيّة الخطيب أنه لا يعتمد على عصا.

وذهب بعض الحنفية -والأتراك أحناف- إلى التفصيل فيما يُتكأ عليه، قال صاحب (التاتارخانية) وعزاه إلى (روضة العلماء) قال:

[سمعت الفقيه أبا الحسن الرستغفني (السمرقندي الحنفي ت345 ) يقول: كل بلدة فُتحت عنوة بالسّيف يخطب الخاطب على منبرها بالسيف … وكل بلدة أسلم أهلها طوعا يخطبون بلا سيف.]

الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي

To top