قال ناظم الرسالة:
وَجَائِزٌ لِـ(ـقادِمٍ) (ومَن بَرِي) :: (وَحَائِضٍ) تَطْهُرُ كُلّ مُفْطِرِ
أي إن الاستمرار والتمادي في الفطر جائز دون كره لمن وصل إلى بلده (قادمًا) من سفر قصرٍ مُفطرًا في نهار رمضان، ويجوز كذلك الاستمرار في الفطر (لمن بري) مِن علّةِ مرض أو جنون أو إغماء كان معذورا به وطلع النهار وهو ما زال مُفطرا ثُمّ حصل الشّفاء نَهارًا، ومثل ذلك (الحائض) أو النفساء لا يجب عليها الإمساك إذا طهرت في نهار رمضان.
فمذهب المالكية أنه إذا زال العذر المبيح للفطر نَهاراً كمسافر يقدم، وحائض تطهر، ومجنون يفيق، ومريض يقوى ، ومن أفطر لضرورة الجوع أو العطش أو خاف هلاكًا أو أذى شديداً ثم زال، ومرضع أفطرت ومات ولدها نهارا، والصبيّ يبلغ ولم يكن قد بيّت الصيام، فهؤلاء جميعاً #لا_يجب و #لا_يستحب لهم الإمساك بقية اليوم، لأن الله إنما أوجب الإمساك ابتداءا من الفجر، ولم يكن هؤلاء حينئذ من أهل الوجوب للعذر القائم بهم، فلم يكونوا مكلفين بالإمساك المأمور به شرعاً.
وعند الشافعية: إذا زال العذر المبيح للفطر نُدب له الإمساك ولا يجب.
وذهب الحنابلة والحنفية إلى وجوب الإمساك لحرمة الوقت، واستدلوا بالحديث المتفق عليه: «أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ فَإِنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ.» فأوجبوا عليهم إمساك يومهم.
قال الإمام القاضي عبدالوهاب المالكي (تـ422هـ):
«والدلالة على ما قلناه أن كل من له أن يفطر أول اليوم في الظاهر والباطن فله أن يأكل بقية نهاره، ولا يلزمه الإمساك ما بقي من يوم .. وأما حديث عاشوراء فلا حجه فيه، لأن الأمر بالإمساك عندنا فيه على النّدب دون الوجوب.»
(شرح الرسالة)
وفي الموطأ:
«قال مَالِك في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر وامرأة مفطرة حين طهرت من يوم حيضها في رمضان، أن لزوجها أن يُصيبها إن شاء.»
قال الإمام أبو الحسن اللخمي (تـ478هـ):
«والأول ( = التمادي وعدم الإمساك ) أقيس، لأنه أفطر لوجه مباحٍ .. ولو كان برجل مرض يحتاج من الدواء في نهاره إلى الشيء اليسير يشربه لم يؤمر بالصيام ولا بالكف عما سوى ما يضطر إليه.»
(مواهب الجليل)
الخلاصة: قال القاضي عبد الوهاب:
«من أفطر في رمضان لعذر ثم زال عذره في بقية يومه، فإن كان عذرا يبيح الفطر -مع العلم بأن اليوم من رمضان- لم يلزمه أن يمسك.»
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي