منهج التلقي والفهم والاجتهاد

{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

تحقَّق وعدُ الله تعالى في حفظ دين الإسلام من خلال منهجين وضعهما أهل العلم رحمهم الله وضبطوا قواعدهما ضبطا دقيقا صارما:

1- منهج التّلقّي :

علوم القرآن: – وذلك بتدوينهم لعلم أصول القراءات وما يتبعه من قواعد رسم القرآن وضبط الآيات والحرص الشديد على تلقي القرآن مشافهة ومنع من يأخذه عن الشيوخ من الإقراء والتعليم.

علوم الحديث: وبهذا العلم يتبيَّنُ الصحيح من السقيم من الروايات، وطرق التحمُّل والأداء، من خلال ضوابط صارمة جدا مبنية على قواعد نقلية وعقلية للتدقيق في سنة رسول الله ﷺ رواية ودراية.

2- منهج الفهم والاجتهاد:

– أصول الفقه: كان للإمام الشافعي رحمه الله فضيلة السبق في وضع أساس علم أصول الفقه في كتابه (الرسالة) بالنظر إلى طرق استنباط الصحابة، ثم تلاحقت بعده جهودُ العلماء من جميع المذاهب حتى صار علمُ الأصول صرحا شامخا بكونها آلة الفهم الدقيقة لمن شاء فهم كلام الله ورسوله ﷺ، وقلعةً من قلاع الدين الحصينة التي لا يستطيع أحد اختراقها وتسورها.

ومما حُفظ به منهج الفهم أن جعل أصول العلم من الفقه والاستنباط والاجتهاد مجموعة عند الأئمة الأربعة ومدارسهم.

فمن درَسَ هذه العلوم المنهجية دراسةً عميقة راسخة واطلع على تاريخها وتدوينها ورأى ما فيها من دقة عجيبة، فإنه يحصل له اليقين أن الجهود المبذولة فيها تنوءُ بحمْلِها الجبال، وفيها أثرٌ جليٌّ من التوفيق الإلهي والعناية الربانية، وذلك أن الله تعالى قد تكفَّلَ بحفظ كتابه المنزل إلى يوم الدين.

وبهذين المنهجين الجليلين تحقَّقَ هذ الوعدُ الإلهي في حفظ الدين الإسلامي من كلِّ محاولات التحريف والانتحال، وتعذَّر على المبطلين أن ينتهكوا حرمات الشريعة، وباءت كلُّ محاولاتهم لتفكيك المنظومة المعرفية الإسلامية بالفشل الذريع.

الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي

To top