وقعت بالأمس حادثة اهتزت لها هولندا تم فيها إطلاق النار على بيتر دي فريس، وهو من أبرز الصحفيين الهولندين اشتهر بفضحه للمجرمين ودفاعه عن حقوق المظلومين وحرية المسلمين، وكان دائما شديد الانتقاد لسياسة الكيل بمكيالين التي ينهجها بعض السياسيين ووسائل الإعلام تجاه المسلمين.
وتسائل كثير من شباب المسلمين هل يجوز الدعاء له بالشفاء؟
🔻 الدّعاء لغير المسلم بالهداية وما كان من أمر الدّنيا من مال وولد وشفاء ونجاح ونحوها فهو جائز، كما تجوز مواساته وعيادته وتعزيته ونحوه، وذلك بشرط أن لا يكون محاربًا للإسلام والمسلمين.
ويتأكّد الدعاء لهم إذا كان المريض من الأقارب أو ممن له نفع على النّاس وينصر المظلومين ويدافع عن المسلمين وحرياتهم.
وقد أقر النبي ﷺ أبا سعيد الخدري على رقية سيّد حي من أحياء من العرب بسورة الفاتحة فشفي. (البخاري) والرّقية دعاء بالشّفاء.
وكان اليهود يتعاطسون عند النّبي ﷺ رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم. (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه)
ويدل على هذا كذلك قوله تعالى:
(لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
(الممتحنة: 8)
فالدّعاء بالشفاء لغير المسلم من البر وحسن الخلق، ومثله أن تجده بحاجة إلى مساعدة وإغاثة وإسعاف فمن البرّ والشّهامة وحسن الخلق فعل ذلك معه.
وعند البخاري في الأدب المفرد:
أن عقبة بن عامر الجهني: مر برجل هيئته هيئة مسلم، فسلم فرد عليه: وعليك ورحمة الله وبركاته. فقال له الغلام: إنه نصراني! فقام عقبة فتبعه حتى أدركه. فقال: إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر مالك، وولدك.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه:
– جَاءَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ادْعُ لِي، فَقَالَ: “أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَكَ، وَوَلَدَكَ، وَأَصَحَّ جِسْمَكَ، وَأَطَالَ عُمُرَكَ”،
– وأَنَّ يَهُودِيًّا حَلَبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً، فَقَالَ:
“اللَّهُمَّ جَمِّلْهُ”، فَاسْوَدَّ شَعْره.
أما الدّعاء لهم بالهداية فقد ثبت عن النّبيّ ﷺ في أحاديث كثيرة.
قال الإمام النوّوي:
يجوزُ أن يُدعى بالهداية وصحّةِ البدن والعافية وشبهِ ذلك
(الأذكار)
قال الإمام ابن حجر الهيتمي:
يجوز الدّعاء للكافر بنحو صحّة البدن، والهداية.
(تحفة المحتاج)
قال المناوي:
ويجوز الدّعاء للكافر أيضاً بنحو هداية وصحة وعافية وقال: أهل الحرب لا يجوز الدّعاء لهم بتكثير المال والولد والصّحة والعافية.
(فتح القدير)
وأما الدعاء لهم بالمغفرة بعد الموت:
قال الإمام النووي:
وأما الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة (بعد موته)، فحرام بنص القرآن والإجماع.
(المجموع)
قال الإمام القرطبي عند قوله تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء: 24): وقد قال كثير من العلماء: لا بأس أن يدعو الرجل لأبويه الكافرين ويستغفر لهما ما داما حيين.
( تفسير القرطبي)
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي