كان الأئمة رحمهم الله يُفضّلون ما يتداوله الأئمة الفقهاء على ما يتداوله غيرهم، قال الإمام إبراهيم النّخعي (تـ96هـ):
«وإنك لتجد الشّيخ يُحدّث بالحديث فيُحّرف حلالَه عن حرامه، وحرامَه عن حلاله وهو لا يشعر.»
وقد ذكر الخطيب البغدادي (تـ392هـ) في (الكفاية في علم الرواية) أن مما تُرجّح به الرّوايات:
«بأن يكون رُواتُه فقهاء، لأن عناية الفقيه بما يتعلّق من الاحكام أشدّ من عناية غيره بذلك.»
وعقد القاضي المُحدِّث الرامَهُرمزي (تـ360هـ) في (المحدّث الفاصل) فصلًا طويلًا بعنوان: (القول في فضل من جمع بين الرّواية والدّراية) وذكر فيه ما يتّصل بتفضيل حديث الفقيه على غيره ومزيّته، وأورد فيه خبرا عن الإمام وكيع بن الجرّاح (تـ197هـ) أنه قال يوما لأصحابه:
«- أي الإسنادين أحب إليكم:
(1) الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، أو
(2) سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ؟
– فقالوا: الأول، فإنّه أقرب إسنادًا.
– فقال: بل الثاني، الأعمش شيخ، وأبو وائل شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فقيه عن فقيه عن فقيه عن فقيه.»
ثم قال: «وحديث يتداوله الفقهاء خير مما يتداوله الشّيوخ.»
وقوله رحمه الله حِكاية عن أئمة الحديث عامّةً، لا عن نفسه خاصّة، قال الإمام علي بن المديني (تـ234هـ):
«كان حديث الفقهاء <أحبّ إليهم> من حديث المشيخة– أي شيوخ الرواية –.»
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي