لماذا تعيبون على العلماء أنهم يفتون بما ترجح عندهم؟

لماذا تعيبون على العلماء أنهم يفتون بما ترجح عندهم؟ وهل يلزم أن يذكر المفتي الخلاف؟ أنتم كثيرًا ما تذكرون قولا واحدا في فتاويكم ولا تذكرون الخلاف؟

نحن لا نعيب على من يفتي بما ترجح عنده، باجتهاد أو تقليد .. بل هذا واجبه في الجملة. ولا نعيب على من لا ينقل الخلاف للمستفتي .. فهذا ليس لازما في كل صورة.

ولا نقول: خيِّر المستفتي ليختار ما يشتهيه! ولا نوجهك أن تفتي بخلاف اعتقادك.

ـــــــــــــــــــــــــــ

نحن باختصار ننكر ما يلي:

١- تصدي غير المتأهل للفتيا والترجيح، والأهلية موضوع طويل، ونحن لا ننازع من تحقق فيه الحد الأدنى منها!

وهذه لا كلام فيها إلا مع أهل العلم، وإلا فالجاهل المركب لا يعرف رتبة نفسه ولا رتبة غيره.

٢- الترجيح بغير المسالك العلمية؛ كتوهم أن الورع واتباع السنة يقتضي ترجيح كذا، وأن غيره تمييع وتساهل، ومعاص، وأن من يذكر الخلاف المشهور في المذاهب الأربعة مأزوم بضغط الواقع ويريد تمييع دين الناس! وعيوب الترجيح ومهازله في زماننا كثيرة، وأمثلتها لا تحصر.

٣- تعميم ترجيحات بعض المعاصرين ومذاهبهم، وحصر اتباع السنة والورع في اختياراتهم، وقد يكون اختيار جمهور المتقدمين على خلافها، وأحيانًا الإجماع!

٤- تجرئة العامة وأشباههم على الفتيا والترجيح وتخطئة أئمة الدين، وأمثلة ذلك طافحة بين يديك.

٥- الإنكار في مسائل الخلاف السائغ كإنكار المنكرات.. وهذا محرم ومنكر.

٦- إيهام الأتباع أن اختيارات معينة في مسائل فقهية خلافية الخلاف فيها مشهور عند المذاهب الأربعة وغيرهم، وربما يكون قول الجمهور خلاف قول المتكلم المعاصر أو الجماعة المعاصرة= إيهام الأتباع أن هذا عَلَم على السنة والسلفية والاتباع، ومن قال بغيره ففي سلفيته نظر!

٧- الخلط بين التمذهب والتعصب.

٨- التلفيق بين الأصول أو الفروع للخروج بصورة مخالفة للإجماع، ثم نسبتها لمن لا يقول بهذه الهيئة المركبة .. وأمثلة ذلك كثيرة، وسبق ذكر بعضها في عدة مناسبات.

٩- التشديد في مسائل لا تستحق التشديد ولا تناولها أحد من العلماء السابقين بهذا التناول المتشنج، بل كانت تتناول في كلمتين أو سطرين، فيخرج بها المعاصر عن سياقها، ويعطيها وزنا نسبيا لا تستحقه، في الدعوة والترجيح والتصنيف وأولوية الخطاب بها أو إنكار مخالفها!

١٠- تصنيف الناس (ملتزمين، وغير ملتزمين)، بما يتبع ذلك من ولاء وبراء ومحبة وبغضاء، على مسائل خلافية مشهورة، وادعاء النقاوة وصدق الاتباع لمن اختار فيها قولا معينا.

١١- عدم مراعاة اختلاف الأعراف في الترجيح، أو حتى تسويغ القول المخالف لهذا الترجيح الموافق للعرف وما عليه العمل، والإشارة إليه، حيث كان معتبرا.

١٢- الاستطالة على أهل العلم وعرض حججهم من أوهى مكاسرها.

١٣- الاستدلال ببادي الرأي، والزعم بأن ذلك هو اتباع السنة، مع الغفلة عن طرائق الفقهاء ومسالكهم في الاستنباط.

١٤- ادعاء خفاء الأدلة على أئمة الدين، والحال أنها من أشهر الأحاديث وأمات الأبواب، وبعضهم رواها في كتبه!

١٥- تسويتك بين النص وفهمك له، وبين (كل يؤخذ من قوله ويرد) و (كل يأخذ ويرد).

١٦- الزعم أن تقليد المعاصرين أولى من تقليد المذاهب الأربعة، وأنهم أعلم منهم .. ومن قال هذا= سقطت مكالمته من الأصل.

١٧- ترتيب الوعيد المذكور في بعض المسائل الخلافية؛ كالإسبال والنمص= على من أخذ بغير اختيار المعاصرين فيها .. والحال أن العلماء نصوا على أن التأويل من موانع لحوق الوعيد والإثم، هذا مع ظهور النص، فكيف مع احتماليته، بل مع مرجوحية قول المعاصر!

فمن الكذب على الشرع والبغي: تخويف العامة من تقليد قول معتبر بحجة أن الوعيد المذكور في التصوص يلحقهم لو قلدوه.

١٨- الزعم أن ترك الناس على ما تربوا عليه من الخلافيات هو الحكمة، حتى لو ترتب على ذلك الإنكار بجهل، وسوء الظن بأهل العلم، والكذب عليهم وعلى مذاهبهم.

١٩- الإصرار على كتم الخلاف القوي في الفتيا العامة حتى مع قوة الحاجة لإظهاره.

٢٠- الخلط بين المسالك الوعظية والعلمية في الفتوى والخطاب العام، ووضع الوعاظ والقصاص موضع العلماء والفقهاء.

٢١- الظن أن الفقه وقواعد الترجيح= مسائل رياضية وهندسية. وهو ظن ساذج.

To top