أدب التغافل أدب السّادة

من الأدب الرفيع والخلق الشريف تعمد الغفلة مع إدراكك لما يُتَغافل عنه؛ تكّرماً وتجاوزاً عن المُسيء وترفعاً عن الدنيء.

قال الإمام أحمد:

تسعة أعشار حُسن الخلق في التغافل

وقال الحسن البصري:

ما استقصى كريم قط، قال الله تعالى: {عرّف بعضه وأعرض عن بعض}

(القرطبي)

– فبها يُحمد الإنسان ويُمدح:

وتغاضى عـن أمورٍ إنـه

لم يـفُزْ بالحمدِ إلا من غَفَلْ

– وبها يُصبح سيّدا في قومه:

من كان يرجو أن يسود عشيرة

فعليه بالتّقوى ولين الجانب

ويغض طرفا عن إساءة من أساء 

ويحلم عند جهل الصاحب

– فالغفلة مذمومة والتغافل ممدوح:

تغافَل ولا تغفل فما ساد غافل

وكن فطناً مستيقظاً متغافلا

ومن تتبع أفعال الناس وطبائعهم واستقصى عثراتهم نفروا منه، وكل متغافل محبوب

أُحبُّ من الإخوان كلّ مُواتي

وكل غضيض الطرف عن عثراتي

بعض صور التغافل:

– قال عطاء بن أبي رباح:

إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأن لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد.

(تاريخ دمشق)

– قال أبو علي الدقاق:

جاءت امرأة فسألت حاتماً عن مسألة، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت، فقال حاتم: ارفعي صوتك فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك، وقالت: إنه لم يسمع الصوت فلقّب بحاتم الأصم.

(مدارج السالكين)

الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي

To top