كان البياض لباس أهل الأندلس للحزن والمآتم، قال ابن دحية: سمعت الفقيه الإمام الأديب أبا زيد عبد الرحمن بن شاطر السرقسطي ينشدنا لنفسه:
قد كنتُ لا أدري لأيةِ علَّة :: صار البياض لباس كلّ مصابِ
حتّى كساني الدّهر سحقَ ملاءةٍ :: بيضاء من شَيبي لفقد شبابي
فبذا تبيّن لي إصابة من رأى :: لُبس البياض على تَوى* الأحباب
ولبس البياض هي عادة أهل الأندلس في الحزن على موتاهم، استنوا ذلك من عهد بني أمية قصداً لمخالفة بني العباس في لباسهم السّواد، ولذلك قال الأستاذ النحوي أبو الحسن الحصري:
إذا كان البياض لباس حزن :: بأندلسٍ فذاك من الصواب
ألم تَرنِي لبستُ بياض شَيبي :: لأني قد حزِنت على الشَّبابِ
وقال آخر:
ألا يا أهلَ أندلسٍ فطِنتم :: بِلُطفِكُمُ إلى أمرٍ عجيبِ
لبِستُم في مآتمِكُم بياضا ::فَجِئتم منه في زيٍّ غريبِ
صدقتُم فالبياضُ لِباسُ حُزنٍ :: ولا حُزنٌ أشدُّ مِن المشيبِ
الشيخ إلياس الرشيد اليوسفي